أفكار و ابتكارات

يستغلونها لزيارة المساجد .. أوقات الفراغ فرصة نادرة لمشجعي كأس العالم للتعرف على الإسلام

يستغل مشجعون أجانب أوقات فراغهم خلال فعاليات ومباريات كأس العالم 2022، لزياراة مساجد ومراكز ثقافية، حيث تعمل مؤسسات دينية حكومية وغير حكومية في قطر على اجتذابهم؛ على إزاحة النظرة السلبية التقليدية عن العرب والدين الإسلامي.

الزوجان الكنديان بوبا استمعا باهتمام للأذان منادياً لصلاة المغرب ثم جلسا على أرضية مسجد في الدوحة يشاهدان بدهشةٍ ركوع وسجود المصلين، خلال زيارة جاءت على هامش حضورهما أول كأس العالم في دولة عربية ومسلمة، بحسب ما رصدته وكالة الأنباء الفرنسية.

وزار الزوجان مسجد كتارا، المبني على الطراز العثماني والذي تزيّن فسيفساء من البلاط الأزرق والأرجواني واجهته الخارجية، ما جعله يُعرف باسم “المسجد الأزرق”.

يشرف مركز “ضيوف قطر” التابع لمؤسسة خيرية أهلية، على المسجد وقد جلب عشرات الدعاة المسلمين من أرجاء العالم لتعريف مواطنيهم المشجعين بالإسلام خلال المونديال.

وقال المحاسب دورينيل بوبا (54 عاماً)، الذي يزور هو وزوجته الشرق الأوسط لأول مرة، لعشرة أيام لتشجيع منتخب بلادهما: “زيارتنا هنا (للمسجد) للتعلم والمعرفة أكثر بالإسلام”.

تابع بصوت منخفض في ساحة المسجد: “لدينا أفكار مسبقة ضد الثقافة والأشخاص (المسلمين) نتيجة وجود تنوع أقل في حياتنا”، لكنّه تابع بتأثر: “حين تكون هنا وترى كيف يفكر الناس (المسلمون). فهذا يساعد الناس (غير المسلمين) على تغيير آرائهم”.

واصطحب مرشد إنجليزي من أصل باكستاني، الزوجين في جولة بالمسجد لتعريفهما، بشكل مبسّط، بالصلاة والأذان والصوم ومناسك الحج، في أول زيارة لهما لمسجد على الإطلاق.

في أرجاء المسجد الذي يضم جانباه زخارف إسلامية زرقاء وتتوسطه ثريا عملاقة تتدلى منها قناديل زجاجية تكسب المكان إضاءة خافتة، يشرح مرشدون لمشجعين أجانب تعاليم الإسلام بمختلف اللغات.

وقالت زوجته الطبيبة كلارا (52 عاماً)، والتي ارتدت عباءة سوداء فوق ملابسها وحجاباً كشف عن قليل من خصلات شعرها: “جئنا ولدينا بعض الأفكار في رؤوسنا، والآن قد يتغير بعضها”. وأضافت: “لفهم الأمور عليك أن تأتي وتلتقي بالناس وتتعرف عليهم”.

صباح الجمعة، توافدت مشجعات أجنبيات، ارتدين عباءات طويلة فوق سراويلهن القصيرة، على المسجد الذي بات مدرجاً على قائمة جولات المرشدين السياحيين في المدينة.

مشجعو كرة قدم يستمعون إلى شرح من مرشد داخل المسجد الأزرق بالدوحة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022

وخارج المسجد، تتراص كُتيبات بمختلف اللغات لتعريف المشجعين بالإسلام والنبي محمد، وضعت قرب منصة عليها تمر عربي وقهوة للترحيب بالزوار.

اعتبر المتطوع السوري زياد فاتح، كأس العالم “فرصة لتعريف المشجعين بالإسلام، وإصلاح الأفكار المغلوطة” عنه.

وتابع الرجل الذي ارتدى ثوباً عربياً وفاحت منه رائحة المسك: “نوضح للناس أكثر عن الأخلاقيات وأهمية الترابط الأسري واحترام الجيران وغير المسلمين”. وأضاف أن “هدفنا أن يعودوا بأفكار طيبة عن الإسلام”.

على مقربة من المسجد، تشرف متطوعات على مجلس مخصص للنساء، بالقرب من لافتة كتب عليها (اسالني عن قطر)”.

وقالت المتطوعة الفلسطينية سمية، إن أكثر الأسئلة تطرح حول “الحجاب وتعدد الزوجات وهل النساء مضطهدات في الإسلام”.

وفي وسط منطقة كتارا الفاخرة على ساحل الخليج، يمكن للمشجعين الأجانب التعرف على الإسلام في جولة عبر نظارات الواقع الافتراضي مدتها خمس دقائق، تبدأ بنزول الوحي على النبي وتنتهي داخل الكعبة.

وقال مسؤول في وزارة الأوقاف القطرية، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ”فرانس برس”، إن الهدف الرئيسي ليس “عدد الذين يعتنقون الإسلام، بل عدد الذين يغيرون رأيهم عنه”.

قرب سوق واقف الذي يعد مقصداً رئيسياً للمشجعين، يفتح مركز الشيخ عبد الله بن زيد الثقافي الذي تديره وزارة الأوقاف القطرية، أبوابه 12 ساعة أمام الزوار.

بعد جولة مع والده في المركز، قال مدرب التنس الإسباني خافيير غاميرو (21 عاماً)، إن الجولة ستساعده على “التعامل بشكل أفضل مع المسلمين بعد معرفة المزيد عن الإسلام من الداخل، والقضاء على بعض الأفكار الخاطئة”.

وفي منطقة “ذي بيرل” ذات المطاعم والمقاهي الفاخرة، وضعت جداريات تحمل أحاديث للنبي محمد بالعربية والإنجليزية تتناول الحث على الأخلاق الحميدة، لكنها قليلاً ما تستوقف المشجعين الأجانب.

تقول لافتة مضاءة في الساحة: “إذا كنت تبحث عن السعادة (…) فستجدها في الإسلام”، ووضعت لافتات مماثلة في مراكز تسوق فاخرة.

ويرى دعاة قطريون في تدفّق مئات آلاف المشجعين على قطر فرصة لمحاربة الإسلاموفوبيا ومناسبة لإقناع زوّار الإمارة باعتناق الإسلام.

وقال سلطان بن إبراهيم الهاشمي، أستاذ الشريعة بجامعة قطر: “عرضت عليهم الإسلام بكل يُسر وسماحة”، لكن الرجل المشرف العام على إذاعة “صوت الإسلام” ومقرها الدوحة، أكد أن “الإسلام دين يقوم على القناعة، وليس على إكراه أحد على الدخول فيه”.

وفيما اكتظّت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية بعشرات المنشورات التي تتناول اعتناق مئات المشجعين في قطر للإسلام، تأكدت خدمة تقصّي صحة الأخبار في “فرانس برس” من عدم صحة هذه المنشورات.

وقال الشاب الكرواتي بيتر لوليتش، إنها “فرصة جيدة لمعرفة المزيد عن الإسلام، خاصةً أننا في بلد إسلامي”.

واستدرك المشجع البالغ من العمر 21 عاماً، والذي ارتدى قميص بلاده: “لكن لا أحد يعتنق ديناً جديداً خلال بطولة كرة القدم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى